الصندوق الاجتماعي للتنمية التابع لوزارة التخطيط، يشمل ٥ قرى رئيسة والقرى المجاورة لها في محافظة ذي قار بالمشاريع الخدمية

يتحدث ابناء "قرية الزريف والمجمع" البالغ عددهم نحو (١٩٥٠) فردا، وهي احدى قرى قضاء الغراف في محافظة ذي قار ، بألم وغصة، لان بناتهم الصغيرات، لم يستطعن الانخراط في التعليم، واكمال دراستهن مثل باقي البنات، لعدم وجود مدرسة متوسطة في القرية، وحال الاولاد، يقول الاباء في هذه القرية، ليس افضل من حال بناتهم، فهم يتعلمون في مدرسة لاتحمل من صفات المدرسة سوى الاسم، اذ ليس فيها رحلات ولا حمامات، ولا زجاج للشبابيك، وهي عبارة عن كرفانات حديدية، آيلة للتآكل، تقبع وسط ساحة تتحول الى وحل خلال الامطار، وليس هذا وحسب، فابناء هذه القرية يشكون غياب مياه الشرب وضعف التيار الكهربائي وردائة الطريق، ولكنهم ، كما يقول احد شيوخ القرية، يضعون التعليم وأهميته في المقدمة، لانه المفتاح لكل شيء، لذلك فان اولويتهم الاولى هي بناء مدرسة لكي يكون بامكان بناتهم واولادهم التعلم فيها.

قرية الخليفة

والحال لايختلف كثيرا في قرية "الخليفة"، التابعة لقضاء النصر، بسكانها الـ(٦٥٠) نسمة، التي تبدو شبه مقطوعة عن العالم، لان الطريق الموصل اليها وطوله يتجاوز الـ(١٠) كيلو مترات، ليس له من الطريق سوى الاسم،! لذلك تبدو معاناتهم شديدة، لاسيما عندما يصاب احدهم بحالة مرضية طارئة، ويتحدثون عن قصص مؤلمة، مع النساء اللواتي يأتيهن مخاض الولادة، ولهذا يرون ان تبليط شارعهم، سيكون مثل قارب نجاة القي لغريق، هكذا يتحدث شيخ العشيرة بالم شديد، وهذا الالم لايتوقف مع توقف الطريق، انما معاناتهم، تتفاقم مع وجود هيكل كبير لمدرسة لم تكتمل، بعد ان تركها المقاول منذ سنوات، واضطر ابناء القرية الى ترتيب صفوفها لكي يتعلم فيها ابناؤهم، ولكنها صفوف بلا ابواب ولا شبابيك ولا ارضيات، كما غابت عنهم الكهرباء، وقبلها الماء، فاصبحت حياتهم جحيما، فهاجر الكثير منهم، وهجروا الزراعة التي كانت تمثل موردا وايرادا مهما للمحافظة.

قرية ال بوهان

وعلى بعد ٧٠ كيلو مترا شمال مدينة الناصرية، حيث يقع قضاء الدواية، تتشارك قرية "ال بوهان" ذات الـ(٢٥٠٠) نسمة، هموم المعاناة مع باقي قرى ذي قار، فهذه القرية، تواجه معاناتها وحدها، لان من يريد الوصول اليها سيجد صعوبة بالغة بسبب عدم وجود طريق صالح للسير يؤدي اليها، ما خلق معاناة كبيرة، لابنائها في كل تفاصيل حياتهم، لذلك، لم يعد لهم هم سوى الحلم بتبليط الطريق، لتأتي بعده باقي احلامهم تباعا، كما يعبر عنها احد شيوخ القرية، فهم يحلمون بمدرسة ثانوية لابنائهم وبناتهم، ويحلمون بماء صالح للشرب وبتيار كهربائي يمكنهم من تشغيل المبردات في الصيف اللاهب، ويحلمون بجسر (قنطرة) صغيرة يعبر بها ابناؤهم نهر الغراف، للذهاب إلى تلك المدرسة البعيدة عنهم، بأمان.

قرية البوجاسم

اكثر من (١١) الف نسمة، موزعون في اربع قرى تسمى قرية "البوجاسم" التابعة لناحية گرمة بني سعيد في قضاء سوق الشيوخ، لم يكونوا احسن حالا من القرى الأخرى التي شملها الصندوق الاجتماعي للتنمية بدعمه، فهم كغيرهم، يعانون من انقطاع الطريق المؤدي إلى القرية، ومعاناتهم تتفاقم مع الكهرباء التي تصلهم ضعيفة جدا متعكزة على أعمدة خشبية واسلاكها تكاد تلامس الأرض، مسببة خطرا يهدد حياة الأطفال والحيوانات.
يتحدث احد اعضاء اللجنة المجتمعية، عن نكوص الزراعة في القرية بسبب تردي الخدمات ونسب الملوحة العالية، ويؤكد، ان بنات القرية لم يستطعن إكمال تعلميهن بسبب عدم وجود ثانوية قريبة، لذلك فهم يضعون الطريق والمدرسة والكهرباء ضمن أولوياتهم التي يأملون من الصندوق الاجتماعي النظر فيها وتنفيذها.

ادارة الصندوق .. جهود كبيرة للإسراع في تنفيذ المشاريع

تقول السيدة نجلاء علي مراد، مدير الصندوق الاجتماعي للتنمية، التابع لوزارة التخطيط، خلال زيارتها الميدانية لقرى "الزريف والمجمع" و "الخيلفة" و "ال بوهان" و "البوجاسم" في محافظة ذي قار، ان معاناة هذه القرى كبيرة، جدا، فابناؤها يعانون من الفقر متعدد الابعاد من خلال افتقارهم لاغلب متطلبات الحياة، وفي مقدمتها الخدمات، مشيرة الى ان توجيهات السيد وزير التخطيط، الدكتور خالد بتال النجم، كانت واضحة، وهي شمول المزيد من القرى بدعم الصندوق الاجتماعي للتنمية، سعيا للتخفيف من اعباء ومعاناة هذه القرى.
وتواصل مراد حديثها مع ابناء القرى التي زارتها، قائلةً:"ان مهمة اختيار المشاريع التي سيمولها الصندوق ستقع على عاتق ابناء القرى انفسهم، ويحددونها وفق اولويات حاجتهم لهذا المشروع او ذاك، والتنفيذ سيكون وفقا للتخصيصات المتاحة لكل قرية، ومدى استفادة اكبر عدد ممكن من ابناء القرى الاخرى التي يمكن ان تشترك في مشروع واحد يخدمها جميعا، مثل مشروع ماء او تبليط طريق او بناء مدرسة.. الخ"، وتشكل المشاريع القرى الرئيسة والقرى القريبة مها التي لايزيد بعدها عن الرئيسة اكثر من (٢)كم، وتؤكد في ذات الوقت، "ان الشروع في عملية التنفيذ لمثل هذه المشاريع سيكون مباشرة بعد استكمال جميع المتطلبات وتوفر جميع الشروط، ومنها وجود الاراضي المخصصة لهذه المشاريع، وهذه الاجراءات قد تستغرق مدة تتراوح من ٤-٥ اشهر"، منوهة الى التجربة التي خاضها الصندوق الاجتماعي للتنمية في المرحلة الاولى من عمله، والتي شملت ٢٩ قرية في محافظات المثنى وصلاح الدين ودهوك، حيث تم تنفيذ ٦٢ مشروعا وفرت الخدمات لاكثر من ٦٠ الف مواطن، فضلا عن توفيرها لاكثر من ١٠٠٠ فرصة عمل لابناء القرى المشمولة، مبينة ان المرحلة الثانية شملت ٨ محافظات هي الديوانية وذي قار والانبار ونينوى وبغداد وبابل وميسان والسليمانية.
وتوضح مراد، ان قيام ادارة الصندوق، بزيارات ميدانية إلى القرى المشمولة، تأتي بهدف الاطلاع المباشر على الواقع الخدمي لتلك القرى، وبالتالي فان إعداد التقرير الفني سيكون مبنيا على المشاهدة العيانية، الأمر الذي يسهل ويسرّع من المصادقة على المشاريع التي سيجري تنفيذها هناك.
ونقلت مراد خلال زيارتها الميدانية تحيات السيد وزير التخطيط الى ابناء قرى محافظة ذي قار، وتثمينه لجهود فريق الحشد المجتمعي في المحافظة، الذي يقوده مديرا التخطيط والاحصاء في المحافظة، علاء شاتي و خالد احمد الشمري، اللذان بذلا جهودا كبيرة في التعريف بالصندوق الاجتماعي للتنمية، واليات عمله وطبيعة المشاريع التي يمولها ودور المجتمعات المحلية في اختيار تلك المشاريع.